يحاول البعض التشكيك في النصر، وعليه أطرح معنى النصر من الناحية العسكرية والاستراتيجية، ثم أحدد بعض مؤشرات النصر في المعركة.
النصر في المفهوم العسكري معناه (كسر الإرادة)، فإذا استطاع أحد المتحاربين كسر إرادة المحارب الآخر فجعله يتنازل عن شروطه، ويقبل بشروط عدوه، عندها نسمي ذلك انتصاراً.
أما حجم الخسائر فهو ليس بأي شكل من الأشكال دليلاً على النصر، وأذكر في ذلك مثالين:
الأول: حرب أكتوبر 1973، فقد خسرت مصر في هذه الحرب أكثر من 8500 شهيد، في حين كان عدد القتلى في الإسرائيليين نحو 2600، ومع ذلك كان نتيجة الحرب هي نصر المصريين.
الثاني: في الحرب العالمية تم تدمير العاصمة البريطانية (لندن) بشكل كامل، في الحجر والشجر ومعظم البشر، ومات من الحلفاء الملايين، ومع ذلك فإن النصر كان حليف بريطانيا.
وإذا أردنا حساب الخسائر، فإن ما فعله العدو كان عملاً همجياً استهدف المدنيين والمنشآت، وهذا أمر لا يدل على قوة أو قدرة، فلو أعطينا الإمكانات التي يمتلكها الاحتلال لطفل غبي يمكنه أن يدمر أكثر مما دمره قادة إسرائيل.
أما مؤشرات انتصار غزة فمنها:
يجب أن ننتبه أن هناك إنجازات آنية مؤتة، وإنجازات استراتيجية طويلة الأجل وهي ما يغفل عنه كثيرون ممن يقيمون نتائج العدوان:
المنجزات المؤقتة: وهي الأقل قيمة رغم أهميتها الكبيرة في تعزيز نفسية الناس، ومنها:
1. عدد القتلى في جنود الاحتلال لم يحدث في أية مواجهة منذ 2006.
2. الاحتلال فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه وفرض شروطه.
3. الاحتلال لم يستطع التوغل أكثر من 2 كم بالتوسط، وكان ذلك في أراضي فارغة.
4. الاحتلال مكث في الحرب أكثر من 50 يوماً، ولم يسيطر إلا على أقل من 80 كم مربع، وهي تعادل أقل من ربع مساحة القطاع، وأقل من 0.5% (نصف من مائة) من مساحة فلسطين، وأقل من (0.001%) واحد من ألف من مساحة الأراضي العربية التي احتلت عام 1967م في ستة أيام فقط.
5. معظم جنود الاحتلال لم يستطيعوا الخروج من دباباتهم.
6. عدد الجنود الصهاينة الذين قتلوا في جبهة القتال المباشرة، أكثر من 65 جندياً بحسب الرواية الصهيونية وإصابة أكثر من 400 بحسب الاعترافات الرسمية للاحتلال، رغم أن تسريبات هآرتس تؤكد أن القتلى والجرحى زاد عن 1600 جندي، في حين عدد القتلى والجرحى من رجال المقاومة في ميدان المواجهة لا يزيد عن 200 مجاهد.
7. المقاتلين الفلسطينيين تمتعوا بقدرات قتالية وجرأة فاقت كثيراً قدرات جنود الاحتلال وهذا باعتراف قيادات صهيونية وأمريكية ومراقبين عسكريين.
8. أول مرة في الحروب العربية الصهيونية يهرب أكثر من نصف سكان الكيان إلى الملاجئ وأماكن الإيواء
القائمة طويلة ويصعب سردها بشكل كامل، وهي مساحة مناسبة لاجتهادات المجتهدين والكشف عن الحقائق.
الإنجازات الاستراتيجية (طويلة الأمد):
* أول مرة يتمكن العرب من خلخلة الأمن داخل الكيان، ولذلك مظاهر كبيرة من أهمها:
- هجرة أكثر من نصف مليون من غلاف غزة إلى شمال فلسطين (وهذا رقم أكثر من عدد الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم في غزة أثناء الحرب).
- تعطيل العمل في مطار اللد (بن غوريون) لفترات متقطعة.
- هددت الحرب إمكانية انتظام الدراسة والجامعات لنحو مليون طالب، وهذا أول مرة يحدث في الكيان.
- صراع كبير بين أجهزة الأمن والعسكر والمستوى السياسي، واهتزاز الثقة بين الطرفين من ناحية والجمهور من ناحية أخرى.
الخلاصة:
أن مؤشرات النصر على المستوى القريب التكتيكي كثيرة، أما المؤشرات الاستراتيجية فقط أسقطت أهم عناصر الأمن القومي الصهيوني وهي (الهجرة ـ الاستيطان) حيث أصبحت الهجرة إلى دولة الكيان مهددة بشكل كبير، فضلاً عن نية نحو 30% للهجرة خارجها، كما أن تكلفة الاستيطان خصوصاً في غلاف غزة سيرتفع جداً، وسيضعف الإقبال عليه، وهذه انتصارات هائلة يمكن تسجيلها في هذا العدوان.
د. هشام المغاري
الخبير الاستراتيجي والأمني
تسعدنا مشاركتك معنا على صفحة المدونة على الفيس بوك
~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~
هذه التدوينة استهلكت كثيرامن الجهد و العمل لافادتك..فلا تبخل عليها بدقيقة لتضغط على ايقونة “غرّد” و “اعجاب” ليستفيد غيرك ورجاء لا تنسخ الموضوع دون أن تذكر المصدر ( مدونة كنوز ) فإن هذا سرقة لمجهود الغير
شكرا على الموضوع واتمنى منك زيارة موقعي
ردحذف:http://m-misr.blogspot.com/
شكرا على تعليقك المشجع .. اهلا وسهلا فيك، واتمنى أن تتابعنا دائماً وأن تنضم لمدونتنا
حذف